غريقات في النهر

مشرف عدد المساهمات : 165 تاريخ التسجيل : 02/10/2011

والمرأة العفيفة لا تهتك سترها ولا تدنس عرضهاوان كان في ذلك فقدان حياتها
ذكر الخطابي في كتابه (( عدالة السماء )) :
انه كان ببغداد قبل قرابة الاربعين سنة رجل يعمل جزاراً يبيع اللحم وكان يذهب قبل الفجر الى دكانه فيذبح الغنم ثم يرجع الى بيته وبعد طلوع الشمس يفتح المحل ليبيع اللحم وفي احد الليالي بعدما ذبح الغنم رجع في ظلمة الليل الى بيته وثيابه ملطخةبالدم وفي اثناء الطريق سمع صيحة في احد الازقة المظلمة فتوجه اليها بسرعة وفجأة سقط على جثة رجل قد طعن عدة طعنات ودماءه تسيل والسكين مغروسة في جسده فانتزع السكين واخذ يحاول حمل الرجل ومساعدته والدماء تنزف منعلى ثيابه لكن الرجل مات بين يديه ..
فاجتمع الناس فلما رأوا السكين في يده والدماء على ثيابه والرجل فزع خائف اتهموه بقتل الرجل ثم حكم عليه بالقتل ..
فلما احضر الى ساحة القصاص وايقن بالموت صاح بالناس ..
وقال: ايها الناس اتا والله ما قتلت هذا الرجل ..
لكني قتلت نفسا اخرى منذ عشرين سنة والان يقام علي القصاص
ثم قال : قبل عشرين ستة كنت شابا فتيا اعمل على قارب انقل الناس بين ضفتي النهر وفي احد الايام جاءتني فتاة غنية مع امها ونقلتهما ثم جاءتا في اليوم التالي وركبتا في قاربي ..
ومع الايام بدأ يتعلق بتلك الفتاة .. وهي كذلك تعلقت بي خطبتها من ابيها لكنه ابى ان يزوجني لفقري ثم انقطعت عني بعدها فلم اعد اراها ولا امها وبقي قلبي معلقا بتلك الفتاة وبعد سنتين او ثلاث كنت في قاربي انتظر الركاب فجاءتني أمرأة مع طفلها وطلبت نقلها الى الضفة الاخرى فلما ركبت وتوسطنا النهر نظرت اليها فإذا هي صاحبتي الاولى التي فرق ابوها بيننا ففرحت بلقياها وبدات اذكرها بسابق عهدنا والحب والغرام ولكنها تكلمت بادب واخبرتني انها قد تزوجت وهذا ولدها فزين لي الشيطان القوع بها فاقتربت منها فصاحت بي وذكرتني بالله لكني لم التفت اليها..
فبدأت المسكينة تدافعني بما تستطيع وطفلها يصرخ بين يديها فلما رايت ذلك اخذت الطفل وقريته من الماء وقلت : ان لم تمكنيني من نفسك فإذا اشرف على الهلاك اخرجته وهي تنظر الي وتبكي وتتوسل لكنها لا تستجيب لي فغمست راس الطفل في الماء وشددت عليه الخناق وهي تنظر وتغطي عينيها والطفل تضطرب يداه ورجلاه حتى خارت قواه وسكنت حركته ..
فأخرجته فاذا هو ميت فألقيت جثته في الماء ثم اقبلت عليها فدفعتني بكل قوتها وتقطعت من شدة البكاء فسحبتها بشعرها وقربتها من الماء وجعلت اغمس راسها في الماء واخرجها وهي تأبى على الفاحشة فلما تعبت يداي غمست رأسها في الماء فأخذت تنتفض حتى سكنت حركتها وماتت فألقيتها في الماء ثم رجعت ولم يكتشف احد جريمتي .. وسبحان من يمهل ولا يهمل فبكى الناس لما سمعوا قصته ثم قطع رأسه ..
{ ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الطالمون } [ ابراهيم : 42 ] ..
فتأملوا في حال هذه الفتاة العفيفة التي يقتل ولدها بين يديها وتموت هي ولا ترضى بهتك عرضها..
فهذا طرف من اخبار اهل العفة ..
منقول من كتاب روائع العريفي لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي.........